اعرف


في التقرير التالي، يُجيب فريق #متصدقش على الأسئلة التالية: ما هو "التوريق"، ولماذا قد تلجأ الحكومة إليه، وما هي مخاطره المحتملة، وهل كل إيرادات مصر قابلة للتوريق؟


تضحية بإيرادات الدولار المستقبلية | التوريق.. حل سريع ومخاطر كبيرة (خبراء يشرحون)

Jan. 10, 2024 - اقتصاد
تضحية بإيرادات الدولار المستقبلية | التوريق.. حل سريع ومخاطر كبيرة (خبراء يشرحون)
نتيجة التحري

📌 يوم الأحد الماضي، 7 يناير 2024، طرح مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، التابع لرئاسة مجلس الوزراء، مشروعه البحثي عن "التوجهات الاستراتيجية المقترحة للاقتصاد المصري خلال فترة (2024 - 2030).


◾ تضمن المشروع البحثي، الذي قالت الحكومة أنه "سيتم طرحه للحوارات الوطنية الشاملة تنفيذاً للتوجيهات الرئاسية"، العديد من الاقتراحات لتعزيز موارد النقد الأجنبي، من بينها "توريق نسبة من العائدات الدولارية".

◾ أثار مصطلح التوريق العديد من المخاوف، ودفع أحزاب وشخصيات عامة إلى انتقاد الحكومة والتحذير من خطورة التوريق.

◾ في التقرير التالي، يُجيب فريق #متصدقش على الأسئلة التالية: ما هو "التوريق"، ولماذا قد تلجأ الحكومة إليه، وما هي مخاطره المحتملة، وهل كل إيرادات مصر قابلة للتوريق؟ ⬇️⬇️

❓❓ ما "التوريق"؟

◾ التوريق هو إحدى الطرق التي تلجأ إليها الشركات والمؤسسات، لجذب تمويل فوري، والتخلص من بعض ديونها. عن طريق تحويل بعض الديون المستحقة لها إلى سندات وصكوك قابلة للتداول، يشتريها مستثمرين بفائدة، بحسب "صندوق النقد الدولي".

◾ مثال: شركة لديها قروض على عملاء بمليار دولار مستحقة على 5 أعوام، تقوم بتحويلها إلى سندات مختلفة. يشتري تلك السندات مستثمرين آخرين، وتحصل الشركة على المليار دولار بشكل فوري بدلًا من الانتظار لـ 5 أعوام، ويستفيد المستثمر وتعود أمواله إليه من نسبة الفائدة على السندات، ودفعات القروض التي تم توريقها.

◾ تاريخيًا، بدأت أولى عمليات التوريق في السبعينيات بالولايات المتحدة الأمريكية عندما تم توريق بعض قروض الرهن العقاري حينها، بحسب "صندوق النقد الدولي".

⭕ "توريق العائدات المستقبلية"

➖ ضمن الاقتراحات التي قدمتها الورقة البحثية لتعزيز موارد النقد الأجنبي لتصل إلى 300 مليار دولار بحلول عام 2030، اقتراح بـ"دراسة توريق نسبة من موارد الدخل الدولاري تتراوح بين (20 إلى 25%).. وفق 3 سيناريوهات (لم تُذكر) بهدف تحقيق عائدات من 1.4 مليار دولار إلى 10.1 مليار دولار سنويًا".

◾ الاقتراح يعني ببساطة "توريق العائدات المستقبلية" من حاصلات مصر الدولارية.

◾ على سبيل المثال: طرح نسبة من إيرادات قناة السويس في عام 2025 ولتكن قيمتها 2 مليار دولار، في شكل سندات مختلفة. يشتري المستثمرين تلك السندات، وتحصل مصر على الـ 2 مليار بشكل فوري الآن، على أن تسددهم على فترة زمنية 10 سنوات مثلًا، بنسبة فائدة، حسبما يوضح خبير الاقتصاد وأستاذ التمويل د. مدحت نافع لـ #متصدقش.

◾ استمع "مركز المعلومات" لآراء "400 خبيرًا" حسبما جاء في بيان مجلس الوزراء، قبل طرح ورقته البحثية. نافع كان واحدًا منهم، موضحًا أن إعداد الورقة جاء من نتاج ورش عمل نُظمت بعد المؤتمر الاقتصادي 2022.

◾ أُثيرت مخاوف بعد طرح الفكرة، أنه في حال تنفيذها وتعثرت مصر عن السداد، يحدث تهديدًا لأصول هامة مثل قناة السويس على سبيل المثال، لكن نافع يوضح أن "التوريق" المقصود في الورقة، ضمانه إيرادات الأصل وليس الأصل نفسه.

◾ كما أن المستثمر في حال طلبه ضمانات إضافية، ليس بالضرورة أن يكون الضمان هو أصل قناة السويس نفسها، يمكن أن يحصل على ضمانات من وزارة المالية، أو ضمانات بنكية، أو أي ضمانات أخرى تتحملها الدولة، بحسب نافع.

⭕ فكرة بدأت في أمريكا اللاتينية

◾ فكرة "توريق العائدات المستقبلية" لها تاريخ حديث نسبيًا ولجأت إليها عدة دول سابقًا. أول صفقة هامة لـ "توريق عائدات مستقبلية" طرحتها دولة نامية، كانت في المكسيك عام 1987، بحسب مجلة "Finance & Development" الصادرة عن صندوق النقد الدولي.

◾ حينها، قامت شركة تيليميكس للاتصالات المملوكة للحكومة المكسيكية آنذاك، بتحويل بعض مستحقاتها المستقبلية إلى أوراق مالية.

◾ ولجأت لتلك الفكرة عدة دول في أمريكا اللاتينية بعد ذلك، خاصةً التي تعاني من أزمة ديون، وكذلك بعض الدول خلال الأزمة المالية الآسيوية عام 1997.

❓❓ لماذا قد تلجأ الحكومة لهذا الخيار؟

◾ يرى نافع أن اقتراح "التوريق" يأتي في سياق سعي الحكومة لإيجاد حل (سريع) لتوفير مصادر دولارية مختلفة، لمواجهة أزمة ارتفاع الدين الخارجي، خاصة الديون قصيرة الأجل.

◾ بلغ حجم الدين الخارجي حتى يونيو 2023، حوالي 164.7 مليار دولار، بزيادة 9 مليار دولار مقارنة بيونيو 2022، وهو يمثل 40.3% من حجم الناتج المحلي الإجمالي لمصر في 2022/ 2023، بحسب تقرير وضع الدين الخارجي الصادر عن البنك المركزي في نوفمبر 2023.

◾ ويُفترض أن تسدد مصر خلال العام الميلادي الجاري 2024، ما لا يقل عن 42.3 مليار دولار، وهذا الرقم بدون حساب الديون قصيرة الأجل في النصف الثاني من 2024، والتي لا يتوفر عنها بيانات من البنك المركزي حتى الآن.

❓❓ ما مخاطر التوريق المحتملة؟

◾ اللجوء إلى هذا الخيار يجلب العديد من المخاطر، أبرزها:

1) التضحية بجزء من إيراد مستقبلي مضمون عن طريق رهنه، وزيادة العبء على الأجيال القادمة، حسبما اتفق نافع، والخبير الاقتصادي د. وائل النحاس، ووائل جمال مدير وحدة العدالة الاقتصادية والاجتماعية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، في حديثهم مع #متصدقش.

◾ يُضيف نافع أن مشكلة تلك التضحية، أن إيرادات مصر الدولارية محدودة، وهناك خطط مستقبلية أُعدت بناءً على تلك الإيرادات، ما يعني إمكانية تعثر تنفيذها، فالأفضل من ذلك البحث عن طرق لإعادة هيكلة بعض الديون الخارجية، بدلًا من الضغط على موارد المستقبل.

2) تعريض الاقتصاد لحالة من التذبذبات، لأنه أصدر نوع من أنواع الدين القائم على التنبؤ وليس الوضع الحالي، كما يقول جمال.

◾ موضحًا: "لو سوق (الاستثمار) العالمي شايف إن السياحة مش هيجيلها الرقم المتوقع من الإيرادات أو قناة السويس، المستثمر هيبيع السند على طول لمستثمر آخر يرغب في الاستثمار في الأسواق الخطرة"، وهذا يمكن أن يؤدي إلى خفض قيمة السند، وارتفاع نسبة فائدته.

3) وجوب سداد تلك السندات ووجود أولوية لها، وانعدام فرص إعادة هيكلتها، في حين أن النوع الآخر من الديون المستحقة لدول أو مؤسسات، هناك فرصة لإعادة هيكلتها والاتفاق من خلال المفاوضات على إطالة أمدها، بحسب جمال ونافع.

4) يرى جمال أن التوسع في طرح حلول مثل "التوريق" أو اللجوء إلى سندات بعملات مختلفة مثل اليوان الصيني والساموراي، "تبدو حلول يائسة"، تُزيد من الانكشاف أمام الاقتصاد العالمي وتُعمق فكرة إن اقتصاد المصري ضعيف.

❓❓ هل جميع مصادر الدخل الدولاري قابلة لـ"التوريق"؟

◾ يأتي لمصر عائدات دولارية من 5 مصادر، هي: متحصلات النقل (القيمة اﻷكبر لقناة السويس) - الاستثمار الأجنبي المباشر - السياحة - تحويلات المصريين في الخارج - الصادرات.

◾ بلغت حصيلة الـ 5 مصادر 99.3 مليار دولار في العام المالي 2023/2022، فيما بلغت 104.6 مليار دولار خلال عام 2022/2021، بنسبة تراجع 5.33%.

◾ العائد الأسهل توريقه، هو قناة السويس، لأنه حصيلة مرفق تذهب أرباحه كلها للدولة، وعائده شبه مضمون ويتزايد، بحسب نافع.

◾ ويشير جمال إلى أن أي متدفق مالي متوقع يمكن توريقه، لكن هناك تحديات مثل تقدير ثبات الإيراد وتوقعاته المستقبلية، لهذا في تلك الحالة، هناك خبراء مختصين لتصميم السند وتحديد نسبة الفائدة عليه.

➖ يرى جمال، أن ما يجعل حلول مثل "التوريق" غير فعّالة بشكل كافي أنها تترك المشكلة الجوهرية، وأنه يجب التفكير في "إعادة هيكلة آجال الدين العام بالذات الخارجي والتفاوض على إسقاط جزء منه، وإعادة ترتيب أولويات الإنفاق العام مع تقليص الإنفاق على مشاريع الفيلة البيضاء (مصطلح اقتصادي يُطلق على المشاريع الاستثمارية عالية

آخر التحقيقات